الصفحة الرئيسية
>
شجرة التصنيفات
كتاب: صبح الأعشى في كتابة الإنشا **
وفيه خمس جمل في اشتقاقه ومعناه قال بعض أهل اللغة: هو مأخوذ من شكل الدابة لأن الحروف تضبط بقيد فلا يلتبس إعرابها كما تضبط الدابة بالشكال فيمنعها من الهروب. قال أبو تمام: ترى الأمر معجوماً إذا كان معجماً لديه ومشكولاً إذا كان مشكولا الجملة الثانية في أول من وضع الشكل وقد اختلفت الرواية في ذلك على ثلاث مقالأت فذهب بعضهم إلى أن المبتديء بذلك أبو الأسود الدؤلي وذلك أنه أراد أن يعمل كتاباً في العربية يقوم الناس به ما فسد من كلامهم إذا كان ذلك قد فشا في الناس. فقال: أرى أن أبتديء بإعراب القرآن أولاً فأحضر من يمسك المصحف وأحضر صبغاً يخالف لون المداد. وقال للذي يمسك المصحف عليه: إذا فتحت فاي فاجعل نقطةً فوق الحرف وإذا كسرت فاي فاجعل نقطة تحت الحرف وإذا ضممت فاي فاجعل نقطةً أمام الحرف فإن اتبعت شيئاً من هذه الحركات غنة يعني تنويناً فاجعل نقطتين. ففعل ذلك حتى أتى على آخر وذهب آخرون إلى أن المبتديء بذلك نصر بن عاصم الليثي وأنه الذي خمسها وعشرها. وذهب آخرون إلى أن المبتديء بذلك يحيى بن يعمر. قال الشيخ أبو عمرو الداني رحمه الله: وهؤلاء الثلاثة من جلة تابعي البصريين. وأكثر العلماء على أبا الأسود جعل الحركات والتنوين لا غير وأن الخليل بن أحمد هو الذي جعل الهمز والتشديد والروم والأشمام. الجملة الثالثة في الترغيب في الشكل والترهيب عنه وقد اختلف مقاصد الكتاب في ذلك فذهب بعضهم إلى الرغبة فيه والحث عليه لما فيه من البيان والضبط والتقييد. قال هشام بن عبد الملك: اشكلوا قرائن الأداب لئلا تند عن الصواب. وقال علي بن منصور: حلوا غرائب الكلم بالتقييد وحصنوها عن شبه التصحيف والتحريف. ويقال: إعجام الكتب يمنع من استعجامها وشكلها يصونها عن إشكالها ولله القائل: وكأن أحرف خطه شجر والشكل في أغصانه ثمر قال سعيد بن حميد الكاتب: لأن يشكل الحرف على القارىء أحب إلي من أن يعاب الكاتب بالشكل. ونظر محمد بن عباد إلى أبي عبيد وهو يقيد البسملة فقال: لو عرفته ما شكلته. وقد جرد الصحابة رضوان الله عليهم المصحف حين جمعوا القرآن من النقط والشكل وهو أجدر بهما فلو كان مطلوباً لما جردوه منه. قال الشيخ أبو عمرو الداني: وقد وردت الكراهة بنقط المصاحف عن عبد الله بن عمر وقال بذلك جماعة من التابعين. وأعلم أن كتاب الديونة لا يعرجون على النقط والشكل بحال وكتاب الأنشاء منهم من منع ذلك محاشاة للمكتوب إليه عن نسبته للجهل بأنه لا يقرأ إلا ما نقط أو شكل ومنهم من ندب إليه للضبط والتقييد كما تقدم. والحق التفريق في ذلك بين ما يقع فيه اللبس ويتطرق إليه التحريف لعلاقته أو غرابته وبين ما تسهل قراءته لوضوحه وسهولته. وقد رخص في نقط المصاحف بالأعراب جماعة: منهم ربيعة بن عبد الرحمن وابن وهب وصرح أصحابنا الشافعية رضي الله عنهم بأنه يندب نقط المصحف وشكله أما تجريد الصحابة رضوان الله عليهم له من ذلك فذلك حين ابتداء جمعه حتى لا يدخلوا بين دفتي المصحف شيئاً سوى القرآن ولذلك كرهه من كرهه. وأما أهل التوقيع في زماننا فإنهم يرغبون عنه خشية الأظلام بالنقط والشكل إلا ما فيه إلباس على ما مر وأهل الديونة لا يرون بشيء من ذلك أصلاً ويعدون ذلك من عيوب الكتابة وإن دعت الحاجة إليه والله سبحانه وتعالى أعلم. الجملة الرابعة فيما ينشأ عنه الشكل ويترتب عليه واعلم ان الشكل جار مع الأعراب كيفما جرى فينقسم إلى السكون وهو الجزم وإلى الفتح وهو النصب وإلى الضم وهو الرفع وإلى الجر وهو الخفض. أما السكون فلأنه الأصل. وأما الحركات الثلاث فقد قيل إنها مشاكلة للحركات الطبيعية: فالرفع مشاكل لحركة الفلك لارتفاعها والجر مشاكل لحركة الأرض والماء لانخفاضها والنصب مشاكل لحركة النار والهواء لتوسطها ومن ثم لم يكن في اللغة العربية أكثر من ثلاثة أحرف بعدها ساكن إلا ما كان معدولاً. ثم الذي أكثر النحاة أن الحركات الثلاث مأخوذة من حروف المد واللين وهي الألف والواو والياء اعتماداً على أن الحروف قبل الحركات والثاني مأخوذة من الأول فالفتحة مأخوذة من الألف إذ الفتحة علامة النصب في قولك: رأيت زيداً ولقيت عمراً وضربت بكراً والألف علامة النصب في الأسماء المعتلة المضافة كقولك: رأيت أباك وأكرمت خالك ويكون إطلاقاً للروي المنصوب كقولك: المذهبا وأنت تريد المذهب فلما أشبعت الفتحة نشأت عنها الألف والكسرة مأخوذة من الياء لأنها أختها ومن مخرجها والكسرة علامة الخفض في قولك: مررت بزيد وأخذت عن زيد حديثاً والياء علامة الخفض أيضاً في الأسماء المعتلة المضافة كقولك: مررت بأبيك وأخيك وذي مال والضمة من الواو لأنها من مخرجها: من الشفتين وهي علامة الرفع في قولك: جاءني زيد وقام عمرو وخرج بكر والواو علامة الرفع في الأسماء المعتلة المضافة كقولك: جاءني أخوك وأبوك وذو مال. وذهب بعض النحاة إلى أن هذه الحروف مأخوذة من الحركات الثلاث الألف من الفتحة والواو من الضمة والياء من الكسرة اعتماداً على أن الحركات قبل الحروف بدليل أن هذه الحروف تحدث عند هذه الحركات إذا أشبعت وأن العرب قد استغنت في بعض كلامها بهذه الحركات عن هذه الحروف اكتفاءً بالأصل عن الفرع: لدلالة الأصل على فرعه. وذهب آخرون إلىأن الحروف ليست مأخوذةً من الحركات ولا الحركات مأخوذة من الحروف اعتماداً على أن أحدهما لم يسبق الأخر وصححه بعض النحاة. الجملة الخامسة في صور الشكل ومحال وضعه على طريقة المتقدمين والمتأخرين واعلم أن المتقدمين يميلون في الشكل غالب الصور إلى النقط بلون يخالف لون الكتابة. وقال الشيخ أبو عمر الداني رحمه الله: ورأى أن يستعمل للنقط لونان: الحمرة والصفرة فتكون الحمرة للحركات والتنوين والتشديد والتخفيف والسكون والوصل والمد وتكون الصفرة للهمزة خاصة. قال: وعلى ذلك مصاحف أهل المدينة. ثم قال: وإن استعملت الخضرة للابتداء بألفات الوصل على ما أحدثه أهل بلادنا فلا أرى بذلك بأساً. قال: ولا أستجيز النقط بالسواد لما فيه من التغيير لصورة الرسم. وقد وردت الكراهة لذلك عن عبد الله بن مسعود وعن غيره من علماء الأمة. وأما المتأخرون فقد أحدثوا لذلك صوراً مختلفة الأشكال لمناسبة تخص كل شكل منها ومن أجل اختلاف صورها وتباين أشكالها رخصوا في رسمها بالسواد. ويتعلق بالمقصود من ذلك سبع صور: الأولى علامة السكون والمتقدمون يجعلون علامة ذلك جرةٌ بالحمرة فوق الحرف سواء كان الحرف المسكن همزة كما في قولك: لم يشأ أو غيرها من الحروف كالذال من قولك: اذهب. أما المتأخرون: فإنهم رسموا لها دائرة تشبه الميم إشارة إلى الجزم إذ الميم آخر حرف من الجزم وحذفوا عراقة الميم استخفافاً وسموا تلك الدائرة جزمة أخذاً من الجزم الذي هو لقب السكون ويحتمل أن يكونوا أتوا بتلك الدائرة على صورة الصفر في حساب الهنود ونحوهم إشارة إلى خلو تلك المرتبة من الأعداد لأن الصفر هو الخالي ومنه قولهم صفر اليدين بمعنى أنه فقير ليس في يديه شيء من المال. وحذاقق الكتاب يجعلونها جيماً لطيفة بغير عراقة إشارة إلى الجزم. الثانية علامة الفتح أما المتقدمون فإنهم يجعلون علامة الفتح نقطةً بالحمرة فوق الحرف فإن أتبعت حركة الفتح تنويناً جعلت نقطتين إحداهما للحركة والأخرى للتنوين. والمتأخرون يجعلون علامتها ألفاً مضطجعة لما تقدم من أن الألف علامة الفتح في الأسماء المعتلة ورسموها بأعلى الحرف موافقة للمتقدمين في ذلك وسموا تلك الألف المضطجعة نصبه أخذاً من النصب ويجعلون حالة التنوين خطتين مضطجعتين من فوقه كما جعل المتقدمون لذلك نقطتين وعيروا عن الخطتين بنصبتين. قال الشيخ عماد الدين بن الفيف رحمه الله: ويكون بينهما بقدر واحدة منهما. الثالثة علامة الضم أما المتقدمون فإنهم يجعلون علامة الضمة نقطة بالحمرة وسط الحرف أو أمامه فإن الحق حركة الضم تنوين رسموا لذلك نقطتين: إحداهما للحركة والأخرى للتنوين على ما تقدم في الفتح. وأما المتأخرين فإنهم يجعلون علامة الضمة واواً صغيرة لما تقدم أن الواو من علامة الرفع في الأسماء المعتلة وسموها رفعة لذلك ورسموها بأعلى الحرف ولم يجعلوها في وسطه كيلا تشين الحرف بخلاف المتقدمين لمخالفة اللون ولطافة النقطة. فإن الحق حركة الضم تنوينٌ رسموا لذلك واواً صغيرة بخطة بعدها: الواو إشارة للضم والخطة إشارة للتنوين وعبروا عنهما برفعتين. وبعضهم يجعل عوض الخطة واواً أخرى مردودة الأخر على رأس الأولى. الرابعة علامة الكسر والمتقمون يجعلون علامة الجرة نقطة بالحمرة تحت الحرف. فإن لحق حركة الكسر تنوين رسموا لذلك نقطتنين. والمتأخرون جعلوا علامة الكسر شظيةً من أسفل الحرف إشارة إلى الياء التي هي علامة الجر في الأسماء المعتلة على ما مر وسموا تلك الشظية خفضةً أخذاً من الخفض الذي هو لقب الكسر ولم يخالفوا بينها وبين علامة النصب لاختلاف محلهما. فإن لحق حركة الكسر تنوين رسموا له خطتين من أسفله: إحداهما للحركة والأخرى للتنوين. الخامسة علامة التشديد والمتقدمون اختلفوا: فمذهب أهل المدينة أنهم يرسمون علامة التشديد على هذه الصورة ولا يجعلون معها علامات الأعراب بل يجعلون علامة الشد مع الفتح فوق الحرف ومع الكسر تحت قال الشيخ أبو عمرو الداني رحمه الله: وعليه عامة أهل بلدنا. قال: ومنهم من يجعل مع ذلك نقطةً علامة للإعراب وهو عندي أحسن. وعامة أهل الشرق على أنهم يرسمون علامة التشديد صورة شين من غير عراقة على هذه الصور كأنهم يريدون أول شديد ويجعلون تلك العلامة فوق الحرف أبداً ويعربونه بالحركات فإن كان مفتوحاً جعلوا مع الشدة نقطة فوق الحرف علامة الفتح وإن كان مضموماً جعلوا مع الشدة نقطة أمام الحرف علامة الضم وإن كان مكسوراً جعلوا مع الشدة تحت الحرف علامة الكسر. وعلى هذا المذهب استقر رأي المتأخرين أيضاً غير أنهم يجعلون بدل النقط الدالة على الأعراب علامات الأعراب التي اصطلحوا عليها من النصبة والرفعة والخفضة فيجعلون النصبة والرفعة بأعلى الشدة ويجعلون الخفضة بأسفل الحرف الذي عليه الشدة وبعضهم يجعلها أسفل الشدة من فوق الحرف. ولا فرق في ذلك بين أن يكون المشدد من كلمة واحدة أو من كلمتين كالأدغام من كلمتين. السادسة علامة الهمزة والمتقدمون يجعلونها نقطة صفراء ليخالفوا بها نقط الأعراب كما تقدم في كلام الشيخ أبي عمرو الداني رحمه الله ويرسمونها فوق الحرف أبداً إلا أنهم يأتون معها بنقط الأعراب الدالة علىالسكون والحركات الثلاث بالحمرة على ما تقدم وسواء في ذلك كانت صورة الهمزة واواً أو ياءً وألفاً إذ حق الهمزة أن تلزم مكاناً واحداً من السطر لأنها حرف من حروف المعجم. والمتأخرون يجعلونها عيناً بلا عراقة وذلك لقرب مخرج الهمزة من العين ولأنها تمتحن بها كما سيأتي. ثم إن كانت الهمزة مصورة بصورة حرف من الحروف فإن كانت الهمزة ساكنة جعلت الهمزة من أعلى الحرف مع جزمة بأعلاها. وإن كانت مفتوحة جعلت بأعلى الحرف أيضاً مع نصبة بأعلاها. وإن كانت مضمومة جعلت بأعلى الحرف مع رفعة بأعلاها. وإن كانت مسكورة جعلت بأسفل الحرف مع خفضة بأسفلها وربما جعلت بأعلى الحرف والخفضة بأسفله. وقد اختلف القدماء من النحويين في أي الطرفين من اللام هي الهمزة فحكي عن الخليل بن أحمد رحمه الله أنه قال: الطرف الأول هو الهمزة والطرف الثاني هو اللام. قال الشيخ أبو عمرو الداني رحمه الله: وإلى هذا ذهب عامة أهل النقط واستدلوا على صحة ذلك بأن رسم هذه الكلمة كانت أولاً لاماً مبسوطة في طرفها ألف على هذه الصورة " لا " كنحو رسم ما أشبه ذلك مما هو على حرفين من سائر حروف المعجم مثل " يا وها " وما أشبههما إلا أنه استثقل رسم ذلك في اللام ألف خاصة لاعتدال طرفيه لمشابهة كتابة الأعاجم فحسن رسمه بالتضفير فضم أحد الطرفين إلى الأخر فأيهما ضم إلى صاحبه كانت الهمزة ضرورةً. وتعتبر حقيقة ذلك بأن يؤخذ شيء من خيط ونحوه فيضفر ويخرج كل واحد من الطرفين إلى جهة ثم يقام الطرفان فيتبين من الوجهين أن الأول هو الثاني في الأصل وأن الثاني هو الأول لا محالة في التضفير. وأيضاً فقد اتفق أهل صناعة الخط من الكتاب القدماء وغيرهم على أنه يرسم الطرف الأيسر قبل الطرف الأيمن ولا يخالف ذلك إلا من جهل صناعة الرسم إذ هو بمنزلة من ابتدأ برسم الألف قبل الميم في " ما " وشبهه مما هو على حرفين فثبت بذلك أن الطرف الأول هو الهمزة وأن الطرف الثاني هو اللام إذ الأول في أصل القاعدة هو الثاني والثاني هو الأول على ما مر وإنما اختلف طرفاها من أحل التضفير. وخالف الأخفش فزعم أن الطرف الأول ههو اللام والطرف الثاني هو الهمزة واستشهد لذلك بأن ما تلفظ هو المرسوم أولاً وما تلفظ به آخراً هو المرسوم آخراً ونحن إذا قرأنا " لأنت ونازعه في ذلك الشيخ أبو عمر الداني. والحق أن ذلك يختلف باختلاف اللام ألف على ما رتبه متأخرو الكتابالآن ففي المضفورة على ما تقدم وفي المصورة بهذه الصورة " لا " بالعكس. وإن كانت الهمزة غير مصورة بحرف من الحروف كالهمزة في جزء وخبءٍ جعلت العلامة في محل الهمزة من الكلمة مع علامة الأعراب: من سكون وفتح وضم وكسر. فإن عرض للهمزة مع حركة من الحركات الثلاث تنوينٌ جعل مع الهمزة علامة التنوين من نصبتين أو رفعتين أو خفضتين على ما مر في غير الهمزة. قال الشيخ أبو عمرو الداني رحمه الله: وتمتحن الهمزة في موضعها من الكلام بالعين فحيث وقعت العين وقعت الهمزة مكانها وسواء كانت متحركة أو ساكنة لحقها التنوين أو لم يلحقها. فتقول في آمنوا عامنوا وفي وآتى المال وعاتى المال وفي مستهزئين مستهزعين وفي خاسئين خاسعين وفي مبرئون مبرعون وفي متكئون متكعون وفي ماء ماع وفي سوء سوع وفي أولياء أولياع وفي تنوء تنوع وفي لتنوء لتنوع وفي أن تبوأ أن تبوعا وفي تبوء تبوع وفي من شاطيء من شاطع وكذلك ما أشبهه حيث وقع فالقياس فيه مطرد. أما المتقدمون فإنهم رسموا لها جرةً بالحمرة في سائر أحوالها وجعلوا محلها تابعاً للحركة التي قبل ألف الوصل. فإن وليها فتحة كما في قوله تعالى: قال بعضهم: يضم التنوين فتجعل الجرّة على ذلك في وسط الألف. وأما المتأخرون فإنهم رسموا لذلك صاداً لطيفة إشارة إلى الوصل وجعلوها بأعلى الحرف دائماً ولم يراعوا في ذلك الحركات اكتفاءً باللفظ. تنبيه قد تقدم في. الأول من الهجاء أن اللفظ قد يتعين في الهجاء إلى الزيادة والنقصان ولا شك أن الشكل يتغير بتغير ذلك ونحن نذكر من ذلك ما يختص بالهجاء العرفيّ دون الرسميّ أما الزيادة فمثل أولئك وأولو وأولات ونحوها. قال الشيخ أبو عمر و الدانيّ: وسبيلك أن تجعل علامة الهمزة نقطة بالصّفرة في وسط ألف أولئك وأولو وأولات وتجعل نقطة بالحمرة أمامها في السطر لتدل على الضمة. قال: وإن شئت جعلتها في الواو الزائدة لأنها صورتها وهو قول عامّة أهل النقط. هذه طريقة المتقدمين. أما المتأخرون فإنهم يجعلون علامة الهمزة على الواو وهو مخالف لما تقدم من اعتبار الهمزة بالعين فإنها لو امتحنت بالعين لكان لفظها عولئك وكذلك البواقي. وأما النقص فمثل النبئين إذا كتبت بياء واحدة وهؤلاء ويا آدم إذا كتبنا بحذف الألف بعد الهاء في هؤلاء والألف الثانية في يا آدم فترسم علامة الهمزة من النقطة الصفراء وحركتها على رأي المتقدمين وصورة العين على رأي المتأخرين قبل الياء الثانية في النبيين وتجعل ذلك على الألف الثانية في يا آدم لأنها صورتها وعلى الواو في هؤلاء لأنها صورتها. و وراء ما تقدّم من الشكل أمور تتعلق بالأدغام والأظهار والأخفاء والأقلاب والمدّ وغيرها من متعلقات القراءة ليس هذا موضع ذكرها والله أعلم. فائدة قال الشيخ عماد الدين بن العفيف رحمه الله: ولا بدّ من تناسب الشكل والنقط وتناسب البياضات في ذلك للحروف.
وفيه مقصدان
وهو على ضربين الضرب الأوّل المصطلح الرسميّ وهو ما اصطلح عليه الصحابة رضوان الله عليهم في كتابة المصحف عند جمع القرآن الكريم على ما كتبه زيد بن ثابت رضي الله عنه ويسمّى الأصطلاح السّلفي أيضاً ونحن نورد منه ما جرّ إليه الكلام أو وافق المصطلح العرفيّ المصطلح العروضيّ وهو ما اصطلح عليه أهل العروض في تقطيع الشعر واعتمادهم في ذلك على ما يقع في السمع دون المعنى إذ المعتدّ به في صنعة العروض إنما هو اللفظ لأنهم يريدون به عدد الحروف التي يقوم بها الوزن متحرّكاً وساكناً فيكتبون التنوين نوناً ولا يراعون حذفها في الوقف ويكتبون الحرف المدغم بحرفين ويحذفون اللام وغيره مما يدغم في الحرف الذي بعده: كالرحمن والذاهب والضارب ويعتمدون في الحروف على أجزاء التفعيل فقد تتقطع الكلمة بحسب ما يقع من تبيين الأجزاء كما في قول الشاعر: ستبدي لك الأيام ما كنت جاهلاً ويأتيك بالأخبار من لم تزوّد فيكتبونه على هذه الصورة: ستبدي لكالأييا مماكن تجاهلن ويأتي كبالأخبار ملّم تزوّدي المقصد الثاني في المصطلح العام وهو ما اصطلح عليه الكتّاب في غير هذين الأصطلاحين. الجملة الأولى في الأفراد والحذف والأثبات والأبدال وفيه مدركان المدرك الأوّل في بيان الأصل المعتمد في ذلك وما يكتب على الأصل واعلم أن الأصل في الكتابة مطابقة المنطوق المفهوم وقد يزيدون في وزن الكلمة ما ليس في وزنها ليفصلوا بالزيادة بينه وبين المشبه له وينقصون من الكلمة عما هو في وزنها استخفافاً واستغناء بما أبقي عما انتقص إذا كان فيه دليل على ما يحذفون كما أن العرب تتصرف في الكلمة بالزيادة والنقصان ويحذفون ما لا يتم الكلام في الحقيقة إلا به استخفافاً وإيجازاً إذا عرف المخاطب ما يقصدون. قال ابن قتيبة: وربما تركوا الأشتباه على حاله ولم يفصلوا بين المتشابهين واكتفوا بما يدل عليه من متقدم أو متأخر: كقولك للرجل الواحد: يغزوا وللاثنين لن يغزوا وللجميع لن يغزوا بالواو والألف في الجميع من غير تفريق بين الواحد والأثنين والجمع وبقوه على أصله. إذا علمت ذلك فالمكتوب على المصطلح المعروف هو على قسمين: القسم الأول ما له صورة تخصه من الحروف الضرب الأول ما هو على أصله المعتبر فيه ذوات الحروف وعددها بتقدير الأبتداء بها والوقوف عليها سواء بقي لفظه على حاله أم أنقلب النطق به إلى حرفٍ آخر فيكتب لفظ امحى بغير نون بعد ألف وإن كان أصله انمحى على وزن انفعل من المحو لأن الأدغام من كلمة واحدة بخلاف ما إذا كان الأدغام من كلمتين فيكتب لفظ من مال بنون في من منفصلة من ميم مالٍ وإن كانت النون الساكنة تدغم في الميم. ويكتب لفظ خنقٍ مصدر خنق ولفظ أنت وما أشببهها بنون وإن كانت النون مخفاة في القاف ومن خنقٍ وفي التاء من أنت. وكذلك حالة التركيب نحو من كافرٍ. ويكتب عنبر وما أشبهها بنون أيضاً وإن كانت النون ساكنة تنقلب عند الباء ميماً وكذلك في حالة التركيب نحو من بعد. ويكتب مثل اضربوا القوم ويغزو الرجل بواو وكذلك كل ما فيه حرف مد حذف لساكن يليه لأنه لولا التقاء الساكنين لثبتت هذه الواو لفظاً. ويكتب أنا بألف بعد النون وإن كانت في وصل الكلام لا إشباع في الفتحة لأن الوقف عليه بألف ومن أجل ذلك كتبت " لكنا هو الله " بألف بعد النون في لكنا إذ أصله لكن أنا. ويكتب المنون المنصوب مثل زيداً وعمراً من قولك: " رأيت زيداً وضربت عمراً بالألف لأنه يوقف عليه بالألف بخلاف المنون المرفوع والمجرور ونحو جاء زيد ومررت بزيد إذ الوقف عليه بحذف نون التنوين وإسكان الأخر على الصحيح وتكتب إذاً المنونة بالألف على رأي المازني رحمه الله ومن تابعه لأن الوقف عليها بالألف لضعفها والمبرد والأكثرون على أنها تكتب بالنون. قال الأستاذ ابن عصفورٍ: وهو الصحيح لأن كل نون يوقف عليها بالأف كتبت بالألف وما يوقف عليها نفسها كما توصل كتبت بالنون وهذه يوقف عليها عنده بالنون وأيضاً فإنها إذا كتبت بالنون كانت فرقاً بينها وبين إذا الطرفية لئلا يقع الألباس. وفصل الفراء فقال: إن ألغيت كتبت بالألف وإن أعملت كتبت بالنون لقوتها. ويحكى عن أبي العباس محمد بن يزيد أنه كان يقول: أشتهي أن أكوي يد من يكتب إذن بالألف لأنها مثل أن ولن ولا يدخل التنوين في الحروف. ويكتب نحو لنسفعاً بالألف لأن الوقف عليها بالألف وكذلك يكتب اضرباً زيداً ولا تضرباً عمراً بالألف على رأي من ادعى أنه الأكثر ووجهه بأن النون الخفيفة تنقلب ألفاً إذا كان ما قبلها مفتوحاً في الوقف. وذهب بعضهم إلى أنها تكتب بالنون تشبيهاً لنونه بنون الجمع نحو اضربن للجمع المذكر وبه جزم الشيخ أثير الدين أبو حيان ووجهه بأنه لو كتب بالألف لالتبس بأمر الأثنين ونهيهما في الخط وإن كنت إذا وقفت عليه وقفت بالألف فلم تراع حالة الوقف في ذلك لأن الوقف منع من اعتباره ما عرض فيه من كثرة الألباس لأنهم لو أرادوا على الوقف بالألف كتابته بالألف كثر اللبس بالوقف والخط فتجنبوا ما كثر به الألباس. ويكتب كل اسم في آخره ياء نحو قاضي وغازي وداعي وحادي وساري ومشتري ومهتدي ومستدعي ومفتري في حالتي الرفع والجر بغير ياء كما في قولك: جاء قاضٍ ومررت بقاضٍ وكذا في الباقيات وفي حالة النصب بالياء مع زيادة ألفٍ بعدها كما في قولك: رأيت قاضياً وغازياً وداعياً وما أشبهه. وإن كان جمعاً فإن كان غير منصرف كتب في حالتي الرفع والخفض بغير ياء على ما تقدم فيكتب في الرفع: هؤلاء جوارٍ وغواشٍ وسوارٍ ودواع وفي الخفض: مررت بجوارٍ وسوارٍ وغواشٍ ودواعٍ بغير ياء في الحالتين. ويكتب في النصب بالياء إلا أنه لا تزاد الألف بعدها فتكتب رأيت جواري وسواري ودواعي. فإذا دخلت الألف واللام في جميع هذه الأسماء أثبتت فيها الياء سواء المنصرف وغير المنصرف فيكتب هذا الداعي والغاز والقاضي والمستدعي وهؤلاء الجواري والسواري والدواعي بالياء في الجميع. قال ابن قتيبة: وقد يجوز حذفها وليس بمستعمل إلا في كتابة المصحف. ويكتب نحو: ره أمراً بالرؤية ولم يره نفياً للرؤية وقه أمراً بالوقاية ولم يقه نفياً لذلك وما أشبهه بالهاء وإن كانت الهاء تسقط منه حالة الدرج لأن الوقف عليها بالهاء وكذلك قولهم: ممه أتيت ومجيء مه جئت لأن الوقف على ما الأستفهامية بعد حذف ألفه بالهاء فيكتب بالهاء بخلاف ما إذا وقعت ما المحذوف ألفها بعد الجار نحو: حتام والأم وعلام فإنه لا تلحقها الهاء لشدة الأتصال فلا تكتب بالهاء. وتكتب تاء التأنيث في نحو: رحمة ونعمة ونقمة وقسمة وخدمة وطلحة وقمحة بالهاء لأن الوقف عليها بالهاء على الصحيح وبعضهم يقف عليها بالتاء وهي لغة قليلة فتكتب بالتاء موافقةً للوقف. وقد وقع في رسم المصحف الكريم مواضع من ذلك نحو قوله تعالى: " أفبنعمت الله يكفرون " كتبوا أفبنعمت بالتاء والأكثر ما تقدم. قال ابن قتيبة: وأجمع الكتاب على كتابة السلام عليك ورحمت الله وبركاته في أول الكتاب وآخره بالتاء. قال: فإن أضفت تاء التأنيث إلى مضمر صارت تاءً فتكتب: شجرتك وناقتك ورحمتك وما أشبهه بالتاء. أما أخت وبنت وجمع المؤنث السالم مثل: قائمات وصائمات وتائبات وتاء التأنيث الساكنة في آخر الفعل نحو: قامت وقعدت وما أشبه ذلك فإنه يكتب جميع ذلك بالتاء لأن الوقف عليها بالتاء. قال ابن قتيبة: وهيهات يوقف عليها بالهاء والتاء والأجماع على كتابتها بالتاء ثم اللفظ الذي يكتب على نوعين: النوع الأول أن يكون اسماً لحرف من حروف الهجاء وهو على وجهين الوجه الأول أن يكون اسماً قاصراً على الحرف لم يسم به غيره وله حالأن أحدهما - أن يقصد اسم ذلك الحرف لا مسماه فيكتب الملفوظ به نحو: جيم إذا سئل كتابته فيكتب بجيم وياء وميم. والثاني - أن يقصد مسماه لا اسمه فيجب الأقتصار في الكتابة على أول حرف في الكلمة ويكتب بصورة ذلك الحرف مثل ق ص ولذلك كتبت الحروف المفتتح بها السور على نحو ما كتبوا حروف المعجم وذلك لأنهم أرادوا أن يضعوا أشكالأ لهذه الحروف تتميز بها فهي أسماءٌ مدلولاتها اشكال خطية ولو لم يضعوا لها هذه الأشكال الخطية لم يكن للخط دلالة على المنطوق ولو اقتصروا على كتبها على حسب النطق ولم يضعوا لها أشكالأ مفردة تتميز بها لم يمكن ذلك لأن الكتابة بحسب النطق متوقفةٌ على معرفة كل حرف حرف وشكل كل حرف حرف غير موضوع فاستحال كتبها على حسب النطق. إلا ترى أنك إذا قيل لك: اكتب جيم عين فاء راء! فإنما تكتب هذه الصورة جعفر والملفوظ بلسان الأمر بالكتابة جيم والمكتوب ج ولو كان تصوير اللفظ بصور هجائه لكان المكتوب جيم كالملفوظ على قياس غيره من الألفاظ. ويشهد لذلك ما حكي أن الخليل رحمه الله قال يوماً لطلبته: كيف تنطقون بالجيم من جعفر فقالوا جيم فقال: إنما نطقتم بالأسم ولم تلفظوا بالمسؤول عنه ثم قال: الجواب جه لأنه المسمى من الكتاب يريد جيماً مفتوحة وإنما أتى فيها بالهاء ليمكن الوقف عليها. الوجه الثاني الأ يكون الأسم قاصراً على الحرف بأن يسمى به غيره أيضاً كما إذا سمي رجل بقاف أو بياسين فللكتاب فيه مذهبان: أحدهما - أن تكتب صورة الحرف هكذا ق و يس. والثاني - أن يكتب الملفوظ به هكذا قاف وياسين وهو اختيار أبي عمرو ابن الحاجب رحمه الله. النوع الثاني الأ يكون اسماً لحرف من حروف المعجم وهو على وجهين أيضاً الوجه الأول أن يكون له معنى واحدٌ فقط الوجه الثاني أن يكون له أكثر من معنى واحد فيكتب بحسب القرينة كما إذا قيل لك: اكتب شعراً! فإن دلت القرينة على أن المراد هذا اللفظ كتب هكذا شعراً والأ فيكتب ما ينطبق عليه الشعر إذ هو معنى الشعر. الضرب الثاني ما تغير عن أصله وهو على ثلاثة أنواع النوع الأول ما تغير بالزيادة والزيادة تقع في الكتابة بثلاثة أحرف الحرف الأول الألف وتزاد في مواضع منها تزاد بعد الميم في مائة فتكتب على هذه الصورة مائة فرقاً بينها وبين منه وإنما كانت الزيادة من حروف العلة دون غيرها لأنها تكثر زيادتها وكان حرف العلة ألفاً لأنها تشبه الهمزة ولآن الفتحة من جنس الألف ولم تكن الزيادة ياء لأنه يستثقل في الخط أن يجمع بين حرفين مثلين في موضع مأمون فيه اللبس إلا ترى إلى كتابتهم خطيئة على وزن فعيلة بياء واحدة وياء هي صورة الهمزة ولم تكن الزيادة واواً لاستثقال الجمع بين الياء والواو وجعل الفرق في مائة ولم يجعل في منه لأن مائة أسم ومنه حرف والأسم أحمل للزيادة من الحرف ولأن المائة المحذوفة اللام بدليل قولهم: أمأيت الدراهم فجعل الفرق في مائة بدلاً من المحذوف مع كثرة الأستعمال ثم اختلف في المثنى منه فقيل لا يزاد في مائتين لأن موجب الزيادة اللبس ولا لبس في التثنية والراجح الزيادة كما في الأفراد لأن التثنية لا تغير الواحد عما كان عليه. أما في حالة الجمع فقد اتفقوا على منع الزيادة فكتبوا مئين ومئات بغير ألف بعد الميم لأن جمع التكسير يتغير فيه الواحد وجمع السلامة ربما تغير فيه أيضاً فتغلبت. قال الشيخ أثير الدين أبو حيان رحمه الله: وقد رأيت بخط بعض النحاة مأة على هذه الصورة بألف عليها نبرة الهمزة دون ياء. قال: وكثيراً ما أكتب أنا مئة بغير ألف كما تكتب فئة لأن كتب مائة بالألف خارج عن القياس فالذي أختاره أن تكتب بالألف دون الياء على وجه تحقيق الهمزة أو بالياء دون الألف على وجهه تسهيلها. ومنها تزاد بعد واو الجمع المتطرفة في آخر الكلمة إذا اتصلت بفعل ماضٍ أو فعل أمر مثل ضربوا وما أشبههما فتكتب بألف بعد الواو. وسمى ابن قتيبة هذه الألف ألف الفصل لأنها تفصل بين الفعل كي لا تلتبس الواو في آخر الفعل بواو العطف فإنك لو كتبت أوردوا وصدروا مثلاً بغير ألف ثم اتصلت بكلام بعدها ظن القارىء أنها واو العطف. ولما فعلوا ذلك في الأفعال التي تنقطع واوها عن الحرف كالفعلين المتقدمين فعلوا ذلك في الأفعال التي تتصل واوها بالحرف قبلها نحو كانوا وبانوا ليكون حكم هذه الواو في جميع المواضع واحداً. فلو اتصلت واو الجمع المذكورة بفعل مضارع نحو: لن يضربوا ولن يذهبوا فمذهب بعض البصريين أنه لا تلحقها الألف ومذهب الأخفش لحوقها كالماضي والأمر.
ولو اتصلت باسم نحو: ضاربوهم وضاربو زيد. فمذهب البصريين أنها لا تلحق بل يجعل الأسم تلو الواو. ومذهب الكوفيين أنها تلحق فيكتبون ضاربوا زيد وقاتلوا عمرو وهموا بألف بعد الواو في الجميع والراجح الأول. ومنها زادها الفراء في يدعو ويغزو في المفرد حالة الرفع خاصة تشبيهاً بواو الجمع وأطلق ابن قتيبة النقل عن بعض كتاب زمانه بأنها لا تلحق في مثل ذلك لأن العلة التي أدخلت هذه الألف لأجلها في الجمع لا تلزم هنا لأنك إذا كتبت الفعل الذي تتصل واوه به من هذا الباب مثل: أنا أرجو وأنا أدعو لم تشبه واوه واو العطف أيضاً إلا بأن تزيل الكلمة عن معناها لأن الواو من نفس الفعل لا تفارقه إلا في حال جزمه والواو في صدروا ووردوا واو جمع مكتف بنفسه يمكن أن يجعل للواحد وتتوهم الواو عاطفةً لشيء عليه. قال: وقد ذهبوا مذهباً. غير أن متقدمي الكتاب لم يزالوا على إلحاق ألف الفصل بهذه الواوات كلها ليكون الحكم في كل موضع واحداً. قال الشيخ أثير الدين أبو حيان: وفصل الكسأئي في حالة النصب فقال: إن لم يتصل به ضمير نحو لن يدعو كتب بألف وإن اتصل به ضمير نحو لن يدعوك كتب بغير ألف فرقاً بين الحالين. ومنها تزاد شذوذاً بعد الواو المبدلة من الألف في الربو فتكتب بألف بعد الواو على هذه الصورة الربوا تنبيهاً على أن الأصل يكتب بالألف. ووجه الشذوذ أنه من ذوات الواو فكان قياسه أن يكتب بالألف. وقد زيدت في المواضع من المصحف كما في قوله تعالى: الحرف الثاني الواو وتزاد في مواضع أيضاً منها تزاد في عمرو بعد الراء إذا كان علماً في حالتي الرفع والجر فرقاً بينه وبين عمر. وكانت الزيادة واواً ولم تكن ياء لئلا يلتبس بالمضاف إلى ياء المتكلم ولا ألفاً لئلا يلتبس المرفوع بالمنصوب. وجعلت الزيادة في عمرو دون عمر لأن عمراً أخف من عمر من حيث بناؤه على أما في حالة النصب فلا تزاد فيه الواو ويكتب عمرو بألف وعمر لا يكتب بألف لأنه لا ينصرف وكذلك المحلى باللام كالعمر والمضاف كعمره والواقع قافية شعر كقول الشاعر: إنما أنت في سليم كواوٍ ألحقت في الهجاء ظلماً بعمر وكذلك عمر واحد عمور الأسنان: وهو اللحم الذي بينها وما هو بمعنى المصدر مثل قولهم : " لعمر الله لا تزداد فيه الواو إذ لا لبس. ولم يفرقوا في الكتابة بين عمر العلم وعمر جمع عمرة لأنهما ليسا من جنس واحد فلا يلتبسان. ومنها تزاد في أولئك بين الألف واللام فرقاً بينها وبين إليك إذ حذفوا ألف أولئك الذي بعد اللام لكثرة الأستعمال فالتبست بإليك وكانت الواو أولى بالزيادة من الياء لمناسبة ضمة الهمزة ومن الألف لاجتماع صورتي الألف وهم يحذفون الواحدة إذا اجتمعت صورتاها وجعلت الزيادة في أولئك دون إليك لأن الأسم أحمل للزيادة من الحرف ولأن أولئك قد حذف منه الألف فكان أولى بالزيادة لتكون كالعوض من المحذوف. قال ابن الحاجب: وحملوا أولى عليه مع عدم اللبس كما حملوا مائتين على مائة. ومنها تزاد في أولي وفي أولو بين الألف واللام أما في أولي فللفرق بينها وبين إلى وأما في أولو فبالحمل على أولي بالياء صرح به الشيخ أبو عمرو ابن الحاجب وقاله الشيخ أثير الدين أبو قال: وحمل التأنيث في أولات على التذكير في أولي. ومنها تزاد في أوخي تصغير أخي بين الألف والخاء والتغيير يأنس بالتغيير وجعلت الزيادة واواً مناسبة ضمة الهمزة كما في أولئك ونحوه. وأكثر أهل الخط لا يزيدونها لأن التصغير فرع عن التكبير وليس ببناء أصلي. الحرف الثالث الياء المثناة تحت وتزاد في مواضع من رسم المصحف الكريم فيكتبون قوله تعالى: " بنيناها بأييدٍ " بياءين بين الألف والدال من قوله: " بأييد ". وقوله تعالى: " من نبإى المرسلين " بياء بعد الألف من نبإ وقوله تعالى " من ملإيه " و " من ملإيهم " بياء قبل الهاء فيهما. وهذا مما يجب الأنقياد إليه في المصحف اقتداءً بالصحابة رضوان الله عليهم. أما في غير المصحف فيكتب بأيد بياء واحدة لأن الهمزة فيه أول كلمة فتصور ألفاً كغيرها من الهمزات الواقعة أولاً على ما سيأتي بيانه إن شاء الله تعالى. ويكتب من نبإ ومن ملئه ومن ملئهم بغير ياء لأن الهمزة في نبإ وملإ أخيرة بعد فتحة فتصور ألفاً كما في نحو: كلا وخطإ وكذلك إذا أضيف إليه الضمير. وذهب بعضهم إلى أنها تكتب في هذا ياء على ما يناسب حركتها سواء أضيفت نحو: من كلئه أو لم تضف نحو من الكلىء. قال بعضهم: والأقيس أن يكتب ياء مع الضمير المتصل نحو: من خطئه لأنها صارت معه كالمتوسطة ويكتب ألفاً إذا تطرفت نحو: من خطإ اعتباراً بما يؤول إليه في التخفيف والله أعلم.
|